الحرير/
بقلم/حسين الذكر
في سعير لبنان وضجيج بيروت الصاخب من الحضارة الى الحضارة مرورا ما بينهما ظل الاقتتال قائم باشكال ومسميات ظرفية تتقاتل لؤد الفكر الذي لا يحيد عن ( العدالة الاجتماعية ) متحديا نظام الهيمنة والاستغلال في طاولة حوار على طول وعرض الدولة اللبنانية تستخدم فيه مختلف الوسائل من الحوار الى استباحة الدم تلك الكلمة المشرعة منذ قابيل وهابيل وما زالت ترسم ملامحها بشكل واضح على تجليات المشهد اللبناني بمختلف محطات زمانه التاريخية والمعاصرة .
بمثل هذه البيئة المغضوب عليها قرر التوأم ( هاشم وحسن ) تحت وقع ذلك الصخب البيروتي الموجع ترك مقاعد الدراسة متحملان مشقة قسرية للعمل في احدى مكاتب مدينة العزارية وسط بيروت – كما كتب وريثهم ينبا عن مخاض رحم البيئة التي انجبت (دار هاشم) .. ليس كدار نشر لبيع وشراء الكتب فحسب .. بل للتعبير عن ثقافة بيئة اصرت على ان يكون اول نتاجتها مصداق للمنهج والارث فضلا عن محاكاة الواقع ..
هكذا ولد كتاب ( قوة التفاوض ) لمؤلفه وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي .. ذلك الرجل الدبلوماسي او القائد الناعم الذي لم يهدا عرقه ولم يستكن منذ اربعين عام مطارد ويطارد مصالح بلاده بلا كلل او ملل .. هذا ما اكده وعرف به مؤخرا في الميدان السياسي حينما كانت الصواريخ تنهال على العاصمة طهران خلال حرب ( 12) يوم الاخيرة .
د ياسر عبد الحسين عرفته مطلع الالفية الجديدة وجدته شابا يسابق الزمن لتحسين ذاته وتطوير ادواته .. اكمل الاعدادية ثم الماجستير ثم الدكتوراه بامتياز بوقت مثالي لم تشغله ازمات العراق الجديد ولم تمنعه قوى الشر من مواصلة عطائه.. وفق اخيرا للعمل بالسلك الدبلوماسي .. كتب قبل ايام : ( ما اسعد اوقاتي تجملها الكتب الجديدة ) في جملة تختلف تماما عما يشاع من صناعة التفاهة وجيوش الذباب المتخلف. مشيرا الى صدور كتاب ( قوة التفاوض ) الذي وجدته باول زيارتي لمعرض بغداد للكتاب فاقتنيته مع مجموعة كتب اسبوعية معتادة اتغذى منها روحا وفكرا .
يقول مأسس الدار انه استلهم عبق وصايا التوأم الراحل لترى الفكرة النور من خلال ولادة ( دار هاشم ) ولتضرب ضربتها الاولى بما يعادل طائرة مسيرة او صاروخ فرط صوتي بسماء الفضاء الثقافي ومقتضيات الحرب الناعمة .. فالعراقجية ليس منصب بل خلاصة جهد وعقل واخلاص لمباديء وتوظيف اليات وتسخير القوة من اجل رفد قوة الدولة بكل ما تمتلك من قواها المبعثرة والخفية .
مع ان للكتاب الاول وجه تسويقي جذاب الا ان الفحوى فضلا عن سيرة التوأم رحمهما الله تنبأ عن معنى آخر تستبطنه ( قوة التفاوض ) يعتقد الناشرون انها فكرة اساسية وحاجة ملحة للبلاد العربية والاسلامية سيما في زمن التكالب او بالاحرى في عصر تقنيات التكالب الممتد من التنابح حتى عدم شرعية التلاقح .
كتب عراقجي عن اسباب تاليف كتابه : ( لقد كانت الثقافة مهدا اول لجميع الثقافات والاديان التي ادت دورا بارزا من خلال الحوار في تطوير الحضارة الانسانية برغم الفروقات اللغوية والدينية والقومية الا ان هذه الاختلافات لم تكن مصدر تهديد بل اساسا لاثراء المجتمع وتعزيز التفاعل الثقافي البناء ) .
فيما قدم د محمد جواد ظريف للكتاب قائلا : ( ما يميز الانسان عن بقية الكائنات الحية هو قدرة التفكير والكتابة والقراءة والحوار التي تميزه .. والحوار هو جوهر العملية الدبلوماسية وخلاصة نتاج الانسان المتمدن وتحقيق الاهداف فيه يتطلب جهدا وعطاء وتضحية حتى في المس الشخصي .. كل شيء فيها يهون من اجل تتبع المصالح الوطنية ) .
قوة التفاوض كتاب يستحق ان يقرا .. اما ( دار هاشم ) فهي ضربة معلم وخطوة وفاء نحو النجاح .. اما الرزق فانه مكفول سماويا ( لكل أمرأ ما نوى ) .. اما عمودي فليس للجذب والتسويق بقدر ما هي فرصة لارشاد جيل المثقفين والوطنين والخائضين بالتحليل السياسي وكل متعلم ان يفتح صفحات الكتاب ويقرا ما يفيده ويساعده لوعي مجريات الواقع فضلا عن العيش بكرامة الحياة .