الحرير/
بقلم/د. محمد العبادي
جميع دول العالم هي دول كبيرة والجغرافية الصغيرة لا تعني أبداً أن تلك الدول صغيرة، لكن بشرطها وشروطها؛ ومن شروطها: أن تمتلك تلك الدولة الإرادة اللازمة، والعزم والتصميم الأكيد ، والقيادة الحكيمة التي تعرف نقاط القوة والضعف عند العدو، فتنفذ من خلال ضعفه، وتعمل على إضعاف نقاط قوته.
إنّ دولة قطر تعرف تماماً أن الكيان الصهيوني اللقيط لم يكن ليتجرأ عليها من دون الضوء الأخضر الأمريكي .
قطر عقدت مؤخراً مع الرئيس الأمريكي ترامب اتفاقيات تقدر قيمتها بمئات المليارات، وإذا كانت لاتملك القدرة على تجميد تلك الاتفاقيات بالكامل؛ فإن بإمكانها أن تقوم بإلغاء أو تجميد بعض تلك الاتفاقيات جزاءً لتعاون الأمريكان مع الصهاينة في انتهاك سيادة قطر. إنّ ذلك سيكون قرصة أُذن من صغير صار كبير وكسر القاعدة، واستقل بقراره.
القطريون يعلمون أن الذهاب للأمم المتحدة، أو إلى جامعة الدول العربية أو مجلس التعاون الخليجي في سبيل الحصول على موقف لن يجدي نفعاً أبداً، لأننا نعلم جميعاً أنهم سيصدرون بيانات التنديد والاستنكار ، وهي بيانات عديمة الفائدة تدفع بالكيان الصهيوني إلى مزيد من العمليات داخل قطر، وحتى داخل أراضي الدول المطبعة معه .
إنّ دولة قطر بإمكانها أن تؤذي الكيان الصهيوني؛ فهي تملك سلاح المال والغاز والنفط وتستطيع تسخير إمكاناتها بدعم الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرهما.
لقد لاحظنا نشاط قطر المحموم على النظام السوري السابق، وقد عملت بجد واجتهاد منقطع النظير ضده؛ وحبذا لو استقلت بمركب الحرب واستخدمت تلك الهمة الاستثنائية، واستنفرت قدراتها في اتخاذ إجراءات عقابية ضد آل صهيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
نعلم جميعاً مدى سيطرة ونفوذ الأمريكان العميق داخل كثير من الدول ومنها قطر، لكن بإمكان قطر أن تفلت من السوار الالكتروني الأمريكي، ولو ليوم واحد وتعمل على تفعيل مجاميع (مجاهدوا النكاح) ليذهبوا إلى قلب تل أبيب، وينالوا فيها إحدى الحسنيين؛ إما شقراء أوربية، أو جنة وحورية .
وبإمكان قطر أن تجد كثيراً من اللاهثين خلف المال في أمريكا وأوربا وما أكثر المافيات التي تبحث عن الربح السريع، وترسلهم إلى داخل الكيان اللقيط لرد اعتبارها
هناك تحليلات تقول: إنّ قطر دولة ضعيفة وهي غير جدية في موضوع الرد على الكيان الصهيوني، وستكتفي ببيانات الشجب والاستنكار ؛ بل بعضهم ذهب إلى أبعد من ذلك في تعاون القطريين مع الصهاينة لضرب حماس وحركات المقاومة !!!.
وهذا التحليل فيه مبالغة، ولايمكن لدولة أن تضحي بمصالحها وسيادتها من أجل الآخرين .
إنّ الدول الصغيرة، هي صغيرة بأفعالها حتى لو كانت مساحتها كبيرة ، وسكانها مئات الملايين، والدول الكبيرة، هي كبيرة بأفعالها وتأثيرها واستقلالها حتى لو كانت مساحتها صغيرة، ومجموع سكانها مليون أو مليونين( ولو شئنا استطعنا).