الحرير/
اوزبكستان/سوخروب بونوروف
في السنوات الأخيرة، أجرت أوزبكستان إصلاحات واسعة النطاق تهدف إلى تحويل نظامي الإدارة العامة والخدمة المدنية. وكان الهدف الرئيسي بناء نموذج حوكمة فعال وشفاف وموجه نحو المواطن. وسيتم عرض التقدم والإمكانات المُحققة في هذا المجال خلال منتدى الأمم المتحدة للخدمة العامة، المقرر عقده في سمرقند في يونيو 2025. وستكون هذه هي المرة الأولى التي تستضيف فيها أوزبكستان هذا المنتدى المرموق، مما يعكس التعاون الوثيق والمتنامي بين الأمم المتحدة وأوزبكستان في مجال الخدمة العامة.
يكتسب منتدى الأمم المتحدة للخدمة العامة أهميةً كبيرةً لتركيزه على تعزيز قدرات القطاع العام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز رأس المال البشري، وتطوير الإمكانات التكنولوجية. ومن المتوقع أن يجمع هذا الحدث كبار المسؤولين الحكوميين، وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، والمجتمع المدني، والأوساط الأكاديمية، والشركات، ورواد الابتكار من جميع أنحاء العالم.
نعرب عن امتناننا وفخرنا بالمشاركة في هذا الحدث المهم، الذي نعتبره منصةً أساسيةً لتعزيز الحوار العالمي والابتكار في الخدمة العامة. وبرعاية الأمم المتحدة، لن يقتصر دور المنتدى على تعزيز الابتكار في الحوكمة فحسب، بل سيعزز أيضًا التعاون الدولي الوثيق وتبادل الخبرات بين الدول.
لماذا أوزبكستان؟
في أي بلد، تُعدّ الإصلاحات المُستهدفة والمستدامة أمرًا بالغ الأهمية لضمان التنمية طويلة الأمد. بقيادة الرئيس شوكت ميرضيائيف، شرعت أوزبكستان في مسار إصلاحات شاملة في جميع القطاعات، بهدفٍ شاملٍ يتمثل في بناء “أوزبكستان جديدة”. منذ الأيام الأولى لولايته، أعطى الرئيس الأولوية لتحسين تنظيم المؤسسات العامة وتطوير الخدمة المدنية. وقد أُقرّت أعلى المستويات بالمشاكل الهيكلية في نظام الخدمة المدنية، وأصبحت الحاجة إلى مواءمته مع المعايير الحديثة أجندة وطنية.
استرشد تحول الخدمة العامة في أوزبكستان بمبدأ “الدولة في خدمة الشعب، لا العكس”. ويؤكد مفهوم “الحكومة خادمة الشعب” على أهمية الاستماع إلى المواطنين، وفهم احتياجاتهم، والسعي إلى تلبيتها على أكمل وجه. وقد أصبح مبدأ “من أجل كرامة الفرد وسعادته ورضاه!” حجر الزاوية الدستوري والقانوني والمؤسسي للخدمة العامة في أوزبكستان.
ونتيجة لذلك، أنشأ الرئيس منصات مثل مكتب الاستقبال الافتراضي وحفلات الاستقبال الشعبية، مما يسمح لكل مواطن بتوجيه مخاوفه بشكل مباشر إلى قيادة البلاد والمسؤولين المسؤولين.
من الإنجازات المهمة الأخرى في مجال الحوكمة، تطبيق نموذج جديد للعلاقات بين الدولة والمجتمع والقائد والمواطن، بمبادرة من الرئيس ميرضيائيف. ويهدف هذا النموذج إلى تقريب المسؤولين الحكوميين من الشعب، وضمان مشاركتهم المباشرة، واتخاذ قرارات مبنية على فهم عميق للاحتياجات المحلية.
في جوهره، وتحت قيادة الرئيس ميرضيائيف، تغيرت فلسفة الإدارة العامة. فلم تعد الدولة تُعتبر الكيان المركزي، والمواطنون مجرد أدوات لتنفيذ السياسات. بل ترسخت ثقافة تُركز على المواطن.
بدأت جهود تطبيق مناهج حديثة في إدارة الموارد البشرية بإصلاحات مؤسسية. في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أُنشئت وكالة تطوير الخدمة العامة التابعة لرئيس جمهورية أوزبكستان. وكُلِّفت الوكالة بتنفيذ سياسة حكومية موحدة لإدارة وتنمية الموارد البشرية في جميع المؤسسات العامة. وكُلِّفت بتشكيل هيئة مهنية للخدمة المدنية، وإدخال ممارسات مبتكرة في إدارة الموارد البشرية، وتحسين جودة وكفاءة موظفي القطاع العام.
وفّر اعتماد قانون “الخدمة المدنية” في 8 أغسطس/آب 2022 إطارًا قانونيًا لمعالجة العديد من التحديات القائمة. وتم إصدار حوالي 160 وثيقة تنظيمية وقانونية تتعلق بسياسة الموارد البشرية. وتم استحداث نظام لتقييم أداء موظفي الخدمة المدنية، وأصبحت المنافسة المفتوحة هي الأسلوب المعتمد لشغل الوظائف الشاغرة. كما تم تطوير مجموعة من الكفاءات لشغل المناصب القيادية العليا.
أُنشئت هيئة جديدة – “المحلة السبع” – لتعزيز التعاون بين الدولة والمجتمع. تُركز هذه الهيئة على الرصد المبكر للقضايا المحلية، واتخاذ التدابير الوقائية، والتواصل المباشر مع المجتمعات المحلية.
لجعل الخدمة المدنية أكثر تركيزًا على النتائج، خُفِّض عدد الهيئات التنفيذية والموظفين الإداريين بنسبة 30%. أُلغي ما يقرب من 30 نوعًا من التراخيص والتصاريح، وبُسِّطت أكثر من 70 خدمة عامة. لم تعد مؤسسات الدولة بحاجة إلى أكثر من 60 نوعًا من الوثائق. وصل أكثر من 4 ملايين مستخدم إلى نظام “الحكومة الإلكترونية”، الذي يُتيح الوصول إلى أكثر من 130 مصدرًا حكوميًا للمعلومات. أصبح ما يقرب من 350 نوعًا من الخدمات متاحًا عبر الإنترنت من خلال البوابة الموحدة للخدمات العامة التفاعلية. واعتبارًا من 1 يناير 2023، خُفِّض عدد الهيئات التنفيذية المستقلة من 61 إلى 28، وعدد الوزارات من 25 إلى 21.
والأمر الحاسم هو أن أوزبكستان تظل ملتزمة بمواصلة هذه الإصلاحات.
باختصار، تُمثّل استضافة منتدى الأمم المتحدة للخدمة العامة في مدينة سمرقند التاريخية العريقة خطوةً هامةً لأوزبكستان في تحديث منظومة الخدمة العامة، ودفع عجلة التحول الرقمي، وتعزيز التعاون الدولي. ويشرفنا دعم هذا الحدث المحوري والمشاركة فيه.
والأمر الأكثر أهمية هو أن مثل هذه المنتديات الدولية لا تساهم في تطوير الخدمات العامة الفعالة فحسب، بل تساهم أيضاً في رفع مكانة الموظفين المدنيين الذين يعملون بمسؤولية عالية وإخلاص وتفان.
وكالة الحرير الاخبارية وكالة عراقية اخبارية منوعة