الحرير/
بقلم:كمال فتاح حيدر
حين يتعفن الذوق العام وتنطفئ قناديله المعرفية، وتتهاوى منارات العلوم والفنون والآداب في بيئة منفلتة غير متزنة، تنقلب المفاهيم وتتبدل المعايير عند ممولي القنوات، فيتصدر الأميون المشهد العام، ويحل الأقزام محل العمالقة، و تتقافز القرود والسعادين فوق السلالم المجتمعية، ويتسلق الاغبياء على اكتاف العباقرة، فتطفو نفايات التفاهة خارج جداول القيم السامية، وتتبنى الفضائيات برامج التدني والرداءة، فتخصص وقتها لبث الحوارات الرخيصة بعبارات خادشة جارحة، ويصبح الإسفاف والابتذال هما القاعدة وغيرهما استثناء. .
حاول ان تمسك بالقلم والورقة وتكتب الألفاظ والكلمات السوقية المتكررة في معظم اللقاءات، وانظر كيف باتت بعض الأبواق ملغومة بمفردات الحارات والشوارع، ناهيك عن الكم الهائل من الشتائم واللعنات والقذف بالأعراض. وربما انفرد بعض زبائن الفضائيات وتميزوا عن غيرهم في تسويق مخرجات السكارى والبارات. .
تشعر حين تشاهد التلفاز وانت في بيتك كأنك في مقهى من تلك المقاهي الحدودية البعيدة التي يرتادها زبائن الحانات في ساعات متأخرة من الليل. .
مما زاد الطين بلة اشتراك قنوات اليوتيوب والتكتوك في هذا السيرك التراشقي. وهي بطبيعة الحال خارج الرقابة وخارج السيطرة، ومعظمها تبث برامجها من البلدان البعيدة. .
لم يخطر ببالنا ان نسمع مقدم برنامج على اليوتيوب يتحدث مع متصل فيقول له: (اسكت ابن الدايحة – ابن الملطلطة). .
ولم يخطر ببالنا ان يصل الابتذال ببعض القنوات إلى استضافة الشقاوات وارباب السوابق والتحاور عن صولاتهم وجولاتهم في السجون والمعتقلات. .
ولم يخطر ببالنا ان يظهر نائب اسبق على الشاشة مخاطبا القمرچية ورواد الملاهي الليلية متفاخرا بدعمهم وتأييدهم. .
عندما تتمادى القنوات التافهة وتواصل بث برامجها بلا رادع فانها تعيد انتاج نفسها بأساليب دونية. .
وكالة الحرير الاخبارية وكالة عراقية اخبارية منوعة