التغيير في سوريا : هل يصب في صالح ” اسرائيل” ..؟

الحرير/
بقلم/ عامر جاسم العيداني

إن التغيير الذي حدث في سوريا بإنهاء حكم عائلة الأسد سياسيًا وعسكريًا، يحمل أبعادًا معقدة ويؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على ميزان القوى في المنطقة من المنظور الإسرائيلي، يمكن النظر إلى هذا التغيير كفرصة أو تهديد، اعتمادًا على طبيعة التغيير والجهات التي تقود التحولات.

هذا الحدث، في ظل الظروف الاستثنائية المتمثلة بالصراع القائم في غزة ولبنان وغيرها من التوترات الإقليمية، يخدم إسرائيل بشكل كبير، لأنه يؤدي إلى إضعاف محور المقاومة الذي يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها. كما أن تفكيك التحالفات التقليدية بين سوريا وإيران وحزب الله يصب في مصلحتها.

إذا أدى التغيير في سوريا إلى نشوء نظام يتبنى سياسات أكثر توافقًا مع الغرب أو يميل للحياد، فقد تعتبره إسرائيل فرصة لخفض التوترات على حدودها الشمالية وتحقيق استقرار أمني لها. أما إذا انشغلت سوريا بصراعات داخلية أو بمرحلة انتقالية طويلة، فقد تستغل إسرائيل هذا الوضع لتعزيز سيطرتها على أراضٍ مثل الجولان المحتل، التي ضمتها رسميًا عام 1981 (رغم عدم اعتراف المجتمع الدولي بذلك). وهذا ما حدث بالفعل من خلال احتلالها للشريط المحاذي للجولان ودخولها إلى القنيطرة، إلى جانب حملتها العسكرية الجوية التي استهدفت القواعد العسكرية السورية ومخازن الأسلحة والدفاعات الجوية. الهدف من ذلك هو لحرمان النظام الجديد في سوريا من القدرة على تهديد أمنها لفترة طويلة، مع إبقائه في حالة ضعف دائم، ما يمنح إسرائيل فرصة للتفرغ للجبهة اللبنانية، وربما شن حملة عسكرية واسعة على حزب الله.

ومن الجدير بالذكر أن سوريا لعبت تاريخيًا دورًا داعمًا للقضية الفلسطينية. ولكن ضعف سوريا أو انشغالها بأزماتها قد يقلل من الدعم السياسي واللوجستي للفصائل الفلسطينية أو يؤدي إلى إنهائه بالكامل وقد يعتقد البعض أن هذا التطور سيؤدي إلى إنهاء القضية الفلسطينية، إلا أن ذلك غير مرجح وعلى الرغم من أن بعض الأطراف قد تستغل التغيرات في سوريا لإضعاف المقاومة الفلسطينية، إلا أن القضية الفلسطينية أعمق من أن تختزل في دعم إقليمي فقط فهي قضية شعبية ودولية ترتبط بحقوق الإنسان والعدالة الدولية ، كما أن الدعم الفلسطيني لا يعتمد على سوريا وحدها بل يمتد إلى دول أخرى وأطراف غير حكومية.

مع ذلك، قد تواجه إسرائيل تحديات كبيرة نتيجة هذا التغيير في سوريا ، إذ من الممكن أن تؤدي حالة الفوضى الإقليمية وعدم الاستقرار إلى ظهور قوى جديدة أكثر عدائية لإسرائيل. تلك القوى قد تستغل الأوضاع الراهنة لتعزيز نفوذها أو تشكيل تهديدات جديدة، خاصة إذا ما استغلت إسرائيل التغيير للاستحواذ على أراضٍ جديدة من سوريا أو لبنان.

الخلاصة:
إن التغيير في سوريا قد يوفر لإسرائيل فرصًا ومخاطر في الوقت ذاته. ومع ذلك، فإن تحقيق أهداف كبرى مثل إنهاء القضية الفلسطينية أو إلغائها تمامًا يعد أمرًا معقدًا وصعب التحقق، نظرًا للتشابكات الإقليمية والدولية المحيطة بالقضية.

عن عامر العيداني

شاهد أيضاً

اعلان بوتين عن اكتمال الاختبارات الحاسمة لصاروخ “بوريفيستنيك”(9M730): بين استعراض القوة والردع الاستراتيجي

الحرير/ كتب العميد منير شحادة منسق الحكومة اللبنانية لدى اليونيفل مقدّمة .. في خطوة لافتة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *