الحرير/
بقلم/احمد طالب الدفاعي
ما بين متفائل ومتشائم عن مستقبل العراق، لابد لنا ان نستحضر التاريخ منذ 2003 لحد هذه اللحظة ونستقرأ احداثه لتقييم وضعه وليتسنى لنا استشراق مستقبله.
ان التدمير الذي لحق بالعراق بعد 2003 اصاب العراقيين بالذهول وهم يرون بلدهم عبارة عن حطام وبنايات وشوارع متهرئة بائسة وحالة اقتصادية مأساوية، وواجهوا وضعا جديدا مرعبا بوجود قوات اجنبية غريبة تتحكم ببلدهم.
ولا نريد ان نمر على الاحداث المأساوية الدموية التي مرت على العراق منذ ذلك التاريخ، منها موجة الارهاب، لكن لابد لنا ان نركز على طريقة مواجهة العراقيين لهذه الاحداث وصبرهم عليها وكمية حبهم لبلدهم الذي دفعهم بان يقدموا ارواحهم من اجل انتشال البلد من مستنقع هذه الاحداث ويصلوا الى ما وصلوا اليه من امن واستقرار ومكاسب سياسية واقتصادية عظيمة قطفنا ثمارها في الفترة الاخيرة من خلال موجة الاعمار الكبيرة في بغداد وباقي المحافظات التي غيرت وجه البلد كليا وجعلته من اجمل البلدان في المنطقة على كافة الصعد.
ان الذي يرى العراق اليوم لا يمكن ان يصدق ان هذا البلد هو نفسه الذي تعرض للتدمير، بوجود شوارع نظامية وابراج عالية ومراكز تسوق متقدمة تضاهي الموجودة في البلدان الغنية في المنطقة.
لذا من الواجب على الذين يبثون التشاؤم في وسائل الاعلام والمنتديات السياسية ان يكونوا اكثر انصافا واكثر افقا بالتقييم، وخاصة مع البرامج الاعمارية الموجودة على لائحة الحكومات اللاحقة التي تنتظر التنفيذ باذن الله والتي ستحول صورة العراق المشرقة الى اضعاف ما هو عليه الان.
نعم نعترف بوجود مشكلات سياسية ومستوى عال من التنافس بين الاحزاب والكتل، لكن هذا لا يعني ان المشكلات والمنافسة هي سلبية، بل هي حالة طبيعية تندرج ضمن افرازات الديمقراطية التي قبلناها وانسجمنا معها.. هذا على المستوى السياسي.
اما على مستوى الحريات وحق التعبير عن الرأي، فالعراق اليوم في مصاف الدول العالمية التي تحترم الحريات واعطت العراقيين المساحات الكافية للتعبير عن آرائهم بالشكل الذي ينسجم مع طبيعة ثقافة وقيم ومثل مجتمعهم المحافظ، وهذا بحد ذاته اكبر انجاز للعراق بعد عام 2003.
عندما نتحدث بهذه الطريقة المتفائلة لا يعني اننا ندعي وصول العراق الى مستوى الكمال السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بل نعتقد ان البلد ما زال يحتاج الى الكثير ليصل الى ما يستحقه من مكانة، وهذا الامر لن يأتي الا من خلال عمل دؤوب واخلاص كبير لكتله واحزابه ونخبه السياسية التي يجب ان تركز على تشريعان وقوانين جديدة اكثر تطورا لتسرع من عملية التقدم للعراق العظيم، وهذا ما سننتظره في الانتخابات القادمة التي سيولد من رحمها برلمان وحكومة جديدة باذن الله.