تحليل تنفيذ المبادرات الاقتصادية ضمن منظمة الدول التركية (OTS)تطور دور أوزبكستان في المبادرات الاقتصادية

الحرير/

بقلم/عبيد خاكيموف
مدير مركز الأبحاث الاقتصادية والإصلاحات في أوزبكستان

خلال فترة قصيرة نسبيًا كعضو في منظمة الدول التركية، تطورت أوزبكستان من مجرد مراقب إلى أحد المبادرين الرئيسيين لمشاريع التكامل. تساهم الدولة بنشاط في تشكيل الأجندة الاقتصادية للمنظمة، مقدمةً مبادرات في التجارة، الاستثمار، النقل، الرقمنة، والتنمية المستدامة. اليوم، يمكن الحديث عن نتائج عملية ملموسة تؤكد الدور المتزايد لأوزبكستان في بناء فضاء اقتصادي مشترك بين الدول التركية.تطور مبادرات أوزبكستان
منذ مشاركة الرئيس ميرزيوييف الأولى في قمة المنظمة عام 2018، قدمت أوزبكستان مقترحات ملموسة في مجالات الاقتصاد، النقل، التقنيات الرقمية، البيئة، والتعاون الإنساني. في قمة تشولبون-آتا، ركزت المبادرات على تطوير الممرات التجارية والنقلية. في باكو عام 2019، اقترحت أوزبكستان إنشاء منتدى للشباب رواد الأعمال. خلال الجائحة، طرحت فكرة إنشاء “ممرات خضراء” وتبسيط اللوجستيات. في قمة سمرقند عام 2022، توسعت الأجندة لتشمل خلق فضاء مشترك للفرص الاقتصادية الجديدة وإطلاق صندوق الاستثمار التركي. في 2023-2024، اقترحت أوزبكستان إنشاء بنك التنمية التركي، ومجلس إدارات السكك الحديدية، وتوقيع اتفاقيات لتداول الوثائق الرقمية. في عام 2025، تحول التركيز نحو اللوجستيات، حيث اقترحت أوزبكستان في القمة غير الرسمية في بودابست تسريع تطبيق أنظمة “النافذة الواحدة” و”الممرات الخضراء” على طول مسار ما وراء بحر قزوين.تنفيذ المبادرات المعلنة في القمم
أظهرت قمم المنظمة أن نسبة كبيرة من المبادرات التي طرحتها أوزبكستان انتقلت من المرحلة الإعلانية إلى التنفيذ العملي. أبرزها إطلاق صندوق الاستثمار التركي، الذي تم اتخاذ قرار إنشائه في سمرقند عام 2022، وتسجيله رسميًا في أنقرة عام 2023، ودخل حيز التنفيذ في أوائل 2024. في فبراير 2025، خلال منتدى الأعمال في أذربيجان، تم اتخاذ قرار بزيادة رأس المال المصرح به للصندوق بنسبة 20%، من 500 مليون دولار إلى 600 مليون دولار، حيث ساهمت أوزبكستان بمبلغ 100 مليون دولار. بدأ الصندوق بالفعل في دعم المشاريع المشتركة، وهو إنجاز رئيسي في مجال التكامل المالي. بينما لا يزال اقتراح إنشاء بنك التنمية التركي قيد المناقشة كخطوة تالية نحو تشكيل هيكلية مالية مشتركة.حقق التقدم أيضًا في أجندة النقل واللوجستيات. بمبادرة من أوزبكستان، بدأت مفاوضات لإنشاء مجلس إدارات السكك الحديدية، وتم الاتفاق على وثائق لتطبيق التصاريح الإلكترونية ونظام e-TIR، مما يوفر أساسًا لفضاء نقل رقمي موحد في المستقبل، على الرغم من بقائه في مرحلة المشاريع التجريبية والخطط التمهيدية. كما تم تضمين اقتراح تنفيذ “الممرات الخضراء” وأنظمة “النافذة الواحدة” على طول الممر الوسيط في الوثائق النهائية، لكنه يبقى في المرحلة التحضيرية. كخطوة ملموسة، من المقرر عقد منتدى دولي للنقل متعدد الوسائط واللوجستيات في طشقند في نوفمبر 2025.تتطور أيضًا آليات التعاون في مجال الاستثمار. في يونيو 2025، خلال اجتماع في طشقند، تم إنشاء شبكة TurkIPAnet لوكالات تعزيز الاستثمار، التي تجمع بين مؤسسات دول المنظمة. بشكل عام، المبادرات مثل صندوق الاستثمار التركي، رقمنة إجراءات التجارة والنقل، وتأسيس الحوار في المجال المالي من خلال إنشاء مجلس البنوك المركزية، إما تم تنفيذها أو في تقدم نشط.الإمكانات الاقتصادية لدول المنظمة
يبلغ عدد سكان الدول التركية مجتمعة أكثر من 175 مليون نسمة، مع ناتج محلي إجمالي (على أساس تعادل القوة الشرائية) يبلغ 5.6 تريليون دولار، وتتجاوز التجارة الخارجية 1.2 تريليون دولار في عام 2024. ومع ذلك، تمثل التجارة البينية حوالي 5% فقط من هذا الحجم. في الوقت نفسه، تتميز اقتصادات دول المنظمة بالتكاملية، مما يوفر فرصًا كبيرة للتعاون الصناعي والصادرات المتبادلة. تمتلك دول المنظمة احتياطيات كبيرة من الموارد النادرة وقطاع تصنيع متطور، مما يتيح توسيع التجارة المتبادلة وتعزيز التعاون الصناعي.أوزبكستان في اقتصاد المنظمة
تمثل دول المنظمة 14.5% من التجارة الخارجية لأوزبكستان. خلال السنوات الثماني الماضية، تضاعف حجم التجارة تقريبًا ثلاث مرات، من 3.34 مليار دولار إلى 9.5 مليار دولار، حيث بلغت الصادرات 3.5 مليار دولار والواردات 6.1 مليار دولار. الشركاء الرئيسيون هم كازاخستان (4.3 مليار دولار)، تركيا (2.9 مليار دولار)، تركمانستان (1.2 مليار دولار)، وقيرغيزستان (846 مليون دولار). تشكل السلع الصناعية 33% من صادرات أوزبكستان، والآلات والمعدات 23%، تليها المنتجات الغذائية والكيميائية. وفقًا لتقديرات مركز الأبحاث الاقتصادية والإصلاحات (CERR)، يمكن لأوزبكستان زيادة صادراتها إلى دول المنظمة بمقدار 2.7 مليار دولار، بما في ذلك 1.8 مليار دولار إلى تركيا، 500 مليون دولار إلى كازاخستان، 200 مليون دولار إلى هنغاريا، و100 مليون دولار إلى قيرغيزستان.التعاون الاستثماري بين دول المنظمة
تشهد أوزبكستان ديناميكيات إيجابية في جذب الاستثمارات من دول المنظمة، حيث تجاوز إجمالي الاستثمارات 7.5 مليار دولار بين 2017 و2024. تبرز تركيا كالمستثمر الرئيسي بنسبة 80% من إجمالي استثمارات المنظمة في أوزبكستان، بمبلغ 1.8 مليار دولار موجهة بشكل رئيسي إلى البناء، المنسوجات، واللوجستيات. كما ارتفع عدد الشركات ذات رأس المال من دول المنظمة 4.5 مرات، ليصل إلى 3600 شركة بنهاية 2024.الخلاصة
أظهرت قمم المنظمة وجود أساس للتكامل الاقتصادي المنهجي. وضعت مقترحات أوزبكستان — بما في ذلك إنشاء صندوق الاستثمار التركي وبنك التنمية، إطلاق “الممرات الخضراء” ومنصات التجارة الرقمية، تأسيس مجالس النقل، وعقد منتديات اقتصادية سنوية — مسارًا يجب تعزيزه. الخطوات التالية يجب أن تركز على تفعيل هذه المبادرات وتحويلها إلى آليات عملية بدلاً من الإعلانات. من المهم تسريع الجهود العملية لتوحيد الإجراءات الجمركية وتداول الوثائق الرقمية لجعل مسار ما وراء بحر قزوين وغيره من المسارات تنافسية عالميًا. يجب أيضًا تعزيز أدوات التمويل المشتركة (صندوق الاستثمار التركي وبنك التنمية) لتكون العمود الفقري للمشاريع التعاونية في الصناعة، الزراعة، والطاقة، مع إيلاء اهتمام خاص للتنمية المستدامة، مشاريع الاقتصاد الأخضر، البيئة، والأمن الغذائي.يظهر التجربة أن أوزبكستان أصبحت محركًا للتكامل الاقتصادي ضمن المنظمة، والمهمة الرئيسية في المرحلة القادمة هي تحويل هذه المبادرات إلى مؤسسات مستدامة.

عبيد خاكيموف
مدير مركز الأبحاث الاقتصادية والإصلاحات في أوزبكستان

عن عامر العيداني

شاهد أيضاً

عنصرية يقودها الحكام

الحرير/ بقلم/سامي التميمي للأسف النزعة الفوقية والمتكبرة ، والعنصرية التي بدأ بها الحكام والأعلام الحكومي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *