الحرير/
بقلم/عامر جاسم العيداني
الضربة الإسرائيلية التي استهدفت الدوحة لم تكن مجرد حدث عابر بل فضحت واحدة من أكبر المفارقات في السياسة الأمريكية بالمنطقة فبينما يخرج مسؤول أمريكي ليعلن أن الجيش الأمريكي لم يشارك ولم يساعد في العملية ويعرف الجميع أن الأجواء القطرية محمية فعلياً بقاعدة العديد الجوية وهي أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط والمركز العصبي لعمليات المراقبة والسيطرة.
هل يُعقل أن تمر طائرات إسرائيلية أو أي تحرك عسكري بهذا الحجم في سماء الخليج دون أن تلتقطه أجهزة الرصد الأمريكية؟ الجواب واضح: مستحيل ، وإذا كان ذلك قد حدث فعلاً فالمصيبة أعظم لأنها تعني أن القواعد الأمريكية عاجزة عن أداء وظيفتها وأن حماية الأجواء مجرد شعار لا قيمة له.
الحقيقة الأكثر ترجيحاً بل مؤكدا أن واشنطن كانت على علم مسبق وأعطت الضوء الأخضر لإسرائيل ثم تبرأت علناً حتى تُبعد عن نفسها شبهة التورط وتُرضي حلفاءها الخليجيين ، ان هذه ليست المرة الأولى التي تمارس فيها أمريكا سياسة “افعلوا ونحن ننكر”، لكنها ربما الأخطر لأنها تعني أن الحماية التي يظنها البعض ضمانة للسيادة ليست سوى غطاء هش يمكن تجاوزه عند أول اختبار.
الإنكار الأمريكي لا يقنع أحداً بل يكشف تناقضاً صارخاً حيث واشنطن التي تتباهى بأنها حامية الأمن في الخليج هي ذاتها التي تغض الطرف عن خرق سيادة حليفها وربما تسهله وهنا يصبح السؤال ملحاً عن أي حماية هذه التي تسمح بضربات إسرائيلية في عاصمة خليجية تحت مرأى ومسمع أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة؟
الجواب لا يحتاج إلى كثير من الجهد إنه تواطؤ في الخفاء وإنكار في العلن.
أيها المواطن الخليجي والعربي آن الأوان أن تُدرك الحقيقة: الحماية الأمريكية التي يُسوَّق لها منذ عقود لم تكن يوماً ضمانة حقيقية للسيادة، بل ورقة ضغط بيد واشنطن تتحكم من خلالها بمصير المنطقة. فحين تُستباح أجواء قطر وهي التي تحتضن أكبر قاعدة أمريكية دون أن تتحرك تلك القاعدة فهذا يعني أن الأمن مرهون بقرار سياسي في البيت الأبيض لا بمبدأ الحماية.
ان الرهان على القواعد الأجنبية وهم كبير أما الحماية الحقيقية فهي في بناء قدرة ذاتية للدفاع وفي وحدة الصف العربي قبل أي شيء آخر ، إن الضربات الإسرائيلية داخل الدوحة ليست مجرد حادثة عسكرية بل رسالة واضحة من لا يحمي سماءه بيده لن تحميه قواعد الآخرين.