الحرير/
بقلم/حسن ال سلطان
تتهيأ محافظة البصرة لخوض انتخابات مجلس النواب العراقي في 11 تشرين الثاني 2025 وسط تنافسٍ مشتعل للقوى السياسية المخضرمة والقوى والتيارات الناشئة.
ومع اعتماد قانون سانت ليغو المعدل (1.7) أصبحت البصرة ساحة اختبارٍ حقيقية بين التنظيمات الراسخة والمشاريع الصاعدة التي تراهن على الوعي الشعبي وتعبئة الشباب.
البصرة، بثقلها الاقتصادي والسياسي، تمتلك 25 مقعدًا نيابيًا عامًا دون تخصيص لأي مكوّن، ما يجعلها أوسع دائرة انتخابية في الجنوب وأشدّها تأثيرًا في المعادلة الوطنية.
أولًا: قانون سانت ليغو… بين المعادلة الرياضية والعتبة
اعتماد معامل 1.7 في توزيع الأصوات منح الكتل والتحالفات الكبيرة فرصة الاستقرار، لكنه سيرفع العتبة الانتخابية أمام القوائم الصغيرة إلى مستوى صعب التحقيق.
ففي هذا القانون لا تُقاس حظوظ الفوز بعدد الأصوات الفردية فحسب بل بقدرة القائمة او التحالف على جمع ما يكفي من الأصوات لتجاوز المقسوم الأول.
وهكذا، أصبح المرشح الذي يحصد عشرة آلاف صوت داخل قائمة صغيرة خارج المنافسة ، بينما يفوز آخر بخمسة آلاف واقل من ذلك داخل قوائم كبرى تخطت العتبة. تنافس أرقامٍ وتنظيمٍ أكثر مما هو تنافس أسماءٍ وشعارات.
ثانيًا: تحالف تصميم… من التقدم إلى التفوّق
جميع المؤشرات الميدانية تشير إلى أن تحالف تصميم تجاوز مرحلة الصعود، ودخل مرحلة الهيمنة الانتخابية في البصرة.
وبحسب المعطيات الواقعية، فإن القائمة تتجه إلى حصد 9 إلى 10 مقاعد كاملة من أصل 25 ، لتكون بذلك القوة الأولى التي تتقدم بفارقٍ مريح عن باقي القوائم.
عوامل هذا التفوق تتلخّص في:
١. انتشار مدني جماهيري من غير تنظيم بسبب نجاح المحافظ في السنوات السابقة بالخدمات والبنية التحتية والتحديات التي واجهت شخص المحافظ مما أعطاه مقبولية ورضاء مجتمعي واسع امتد من مركز المدينة إلى أقضية الزبير وشط العرب.
٢. خطاب براغماتي يستند إلى الانجازات والخدمات لا إلى الشعارات الاعلامية.
٣. قيادة وطنية محلية تستطيع أن تجمع بين الكفاءة الإدارية والقبول الجماهيري .
تحالف تصميم في البصرة لم يعد “تحالف او قائمة انتخابية” بالمعنى الحزبي، بل تحول إلى مزاجٍ وفكر جماهيريٍ مبتكر وجديد يبحث عن جدارة الدولة وحوكمة المحافظة.
ثالثًا: صادقون ودولة القانون والإعمار… مثلث التماثلَ التقليدي
بعد تصميم، تبرز ثلاث قوى تشكّل محور الثبات في المشهد الانتخابي:
تحالف صادقون: يمتلك قاعدة تنظيمية قوية في في بعض مناطق المركز والأحياء الشعبية ومناطق الأرياف ، والتقديرات حصوله تتراوح بين 3 إلى 4 مقاعد.
ائتلاف دولة القانون: يملك تركة وبالخصوص ان قائمته تمتلك اكثر من وزير وحضورًا إداريًا متجذرًا، وقد يحافظ على 3 مقاعد او ينخفض إلى 2 .
ائتلاف الإعمار والتنمية: يستفيد من رصيد حكومي وميداني، وتقدير حصته يقارب 2 مقاعد أيضًا وربما يحقق المقعد الثالث.
هذا المثلث يشكل مركز الثقل التقليدي في البصرة، القادر على تحقيق توازن أمام صعود “تصميم” دون الامكانية من مجاراة زخم المحافظ في الأوساط الثقافية والشعبية .
رابعًا: القوى المغامرة تتنافس بحذر
تحالف قوة الدولة الوطنية: يمتلك تنظيمات نخبويه وجمهورًا معتدلًا، وقد يحقق مقعدين.
قائمة حقوق: تواصل بناء قاعدتها العقائدية وقد تظفر بـ مقعدين او مقعد واحد أيضًا مستندة إلى ولاء عقائدي تنظيمي وجمهور عام من قبل المرشحين بالقائمة.
منظمة بدر: رغم رمزية حضورها التاريخي، إلا أن تأثيرها الانتخابي هذه الدورة يبدو محدودًا إلى مقعد واحد رمزي وربما لا يحقق مقعد .
خامسًا: القوائم الصغيرة
ضحايا العتبة الانتخابية
القوائم الصغيرة مثل أبشر يا عراق والأساس وخدمات تواجه خطورة الغياب الكامل عن الاستحقاق النيابي عن تمثيلهم في البصرة لانهم يتنافسون على مقعد واحد او مقعدين رغم وجود شخصيات فيها تحظى بأصوات عالية .
قانون سانت ليغو جعل الفوز مقيد بمجموع القائمة لا الفرد ، فحتى الأصوات العالية لا تنفع إن لم تتأهل القائمة لدخول عملية القسمة.
وهكذا، يُتوقَّع أن تُقصى القوائم التي لا تحقق العتبة الانتخابية من المنافسة ، في حين تُعاد توزيع تلك المقاعد لصالح الفائزين بعدد الاصوات الأعلى .
سادسًا: توزيع المقاعد النسائية وفق القانون
وفق القانون الانتخابي، تُخصص ستة مقاعد نسائية من أصل 25 داخل المحافظة، وتُستكمل فقط من القوائم التي حصلت على مقاعد فعلية.
بمعنى آخر: لا يمكن منح مقعد لامرأة من قائمة لم تفز بمقعد أساسًا، بل تُرفع أعلى النساء غير الفائزات أصواتًا من القوائم الفائزة فقط حتى يتحقق نصاب الكوتا.
وبناءً على التوزيع الواقعي المتوقع:
تحالف تصميم: مقعدان نسائيان من أصل 9 مقاعد .
تحالف صادقون: مقعد نسائي واحد.
ائتلاف الإعمار والتنمية:مقعد نسائي واحد.
ائتلاف دولة القانون: مقعد نسائي واحد.
تحالف قوة الدولة الوطنية:مقعد نسائي واحد.
وبذلك يكتمل العدد القانوني بـ ست نساء دون كسر التوازن العددي للقوائم الكبرى.
سابعًا: ملامح الصورة النهائية
تصميم يتصدر المشهد بحصة قد تصل إلى 40% من مقاعد البصرة (9 إلى 10 من أصل 25). بعدد اصوات يتجاوز 236 الف صوت تقريبا
صادقون دولة القانون، والإعمار والتنمية يشكلون الكتلة الثانية بنحو 9 إلى 10 مقاعد مجتمعين.
حقوق وقوة الدولة يكملون المشهد بـ 4 مقاعد تقريبًا.
القوائم الصغيرة (أبشر، الأساس، خدمات) مهددة أحدهما او اثنين من هذه القوائم بالإقصاء الكامل لانها تنافس على مقعد واحد او مقعدين ولعدم تجاوزها العتبة الانتخابية.
هذه المعادلة تجعل البصرة ميدان حقيقي لصناعة الأغلبية السياسية في البصرة، وقد تتحول نتائجها إلى مرآةٍ مبكرة لتوازنات البرلمان القادم.
تنويه ختامي:
تبقى هذه الاستنتاجات والتحليلات قابلة للتغير تبعًا للمتغيرات السياسية والميدانية التي قد تشهدها الساحة الانتخابية في الايام المقبلة فالمشهد الانتخابي العراقي متحركٌ بطبيعته.
خاتمة: البصرة تصوّت لوعيها
فمن يفوز في البصرة لا يربح مدينة فحسب بل ينال تفويض لأن البصرة هي بوابة الوعي العراقي ومركز ثقله السياسي.
وكالة الحرير الاخبارية وكالة عراقية اخبارية منوعة