( لافروف وظريف ).. جدولة حرب ام احتوائها !

الحرير/

بقلم/حسين الذكر

قبل ( حرب الاثنا عشر يوم الاخيرة بين اسرائيل وايران حزيران 2025 ) تم اقالة محمد جواد ظريف من منصب نائب رئيس الجمهورية الايرانية للشؤون الاستراتيجية وقد علق ظريف : ان الاستقالة جاءت تجاوبا مع نصيحة من رئيس السلطة القضائية غلام محسني لتخفيف الضغوط عن كابينة الرئيس بزكشيان .. الا ان البعض ذهب الى اسباب تتعلق بالقانون الايراني الذي يمنع تولي مسؤوليات عليا في البلاد لمسؤول يحمل اولاده جنسية غربية .. الضربات الاسرائيلية على ايران شنت بعد مائة يوم من ابعاد ظريف التي ربطتها بعض التحليللات المعمقة بالاقالة .
الدكتور ظريف الاستاذ الجامعي والدبلوماسي الايراني المحنك الذي قضى جل عمره في البعثة الاممية ووظيفته الخارجية الايرانية في الولايات المتحدة الامريكية التي وصلها بعمر سبعة عشر عام مغادرا طهران بصورة غير شرعية ومساعدة المخابرات كما ذكر هو في كتاب ( سعادة السفير ) . كانت ايران تعيش مخاض الثورة وعلى بعد ايام من سقوط نظام الشاه وانطلاق عهد الجمهورية الاسلامية . وقد انظم حال وصوله الى مجاميع الطلبة الاسلاميين الايرانين الناشطة جدا في اوربا وامريكا بمنتصف عقد السبعينات . وكان لها دور فاعل في ادارة الملف الايراني المعارض لنظام الشاه ثم تقلد عدد منهم مقاليد السلطة الجديدة في ايران وقد اقيل او هرب او سقط او اعدم بعضهم لاحقا .
بمعزل عن العنوان والمؤسسين والاهداف المعلنة والخفية لتلك المجاميع الطلابية الثورية كما كانت تبث عنها الاخبار وتسلط عليها الاضواء … ثمة قاعدة سياسية غربية قائمة منذ الاف السنين مفادها ( كل ما يؤسس في الغرب يسير بفلك مخرجات غربية).
قبل الحرب الاخيرة بايام واثنائها وما زالت الدبلوماسية الخفية هي الاكثر تاثير في الملف الايراني .. فبعد الضربات المتبادلة التي اوجعت الطرفين والضربة الترامبية الامريكية الموعودة للمفاعل الايراني التي بموجبها تم انهاء الحرب وظلت نتائجها واثارها غامضة فضلا عن كونها رمت بكامل ظلالها على الملف الايراني الغربي النووي .. بعد الحرب بايام اعلن عن اتفاق بين ايران ومنظمة الطاقة الذرية بواسطة مصرية لم تمتلك قدرة فك شفرات ما جرى ويجري نوويا او دبلوماسيا .. ثم اعلن عن تفعيل العقوبات على ايران بعد عشر سنوات من توقيع اتفاق ( 5+1) الشهير .. لتعلن ايران بعد ذلك مباشرة بانها غير ملزمة ببنود الاتفاق السابق ولا معنية ولا تسمح لمنظمة الطاقة الذرية الدولية بالقيام بالتفتيش او تقديم اي مساعدة لها في تطورات تبدو على الورق خطيرة وتمهد لحرب جديدة … الا انها في الجانب الغامض تمثل دبلوماسية صامتة قد تمهد لاتفاق ايراني عالمي جديد .

تصريحات سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي الاخيرة اعادة ملف جواد ظريف للواجهة مرة اخرى باعتباره مهندس اتفاق (5+1) وقائد الدبلوماسية الايرانية للملف النووي لسنوات طويلة مع انه لم يزر ولم يرافق الوفود التي زارت المنشئات النووية الايرانية ولا مرة .. اذ يقول ظريف : ( انه لا يعرف عن مواقعها شيء كما جاء في مذكراته .. سعادة السفير).
يذكر ان لافروف صرح سابقا 🙁 بان ظريف هو من وافق وكان على علم ببند ( سناب باك ) على ايران وان روسيا لم تعد تستطيع تقديم اي مساعدة لايران جراء موافقة وزير خارجيتها على هذا البند الغامض ) .. هذا التصريح كما كان متوقع سوف لن يمر مرور الكرام بل اشعل فتيلا لازمات ( نووية ودبلوماسية وامنية وانتمائية … ) سيما في ايران التي حتما ستتفحص الملف النووي والدبلوماسي كله وتعيد حساباتها فيه مما يجعل من ظريف والمقربين منه محل شك او تحت المسائلة – وفقا للافروف – .
كما كان متوقعا من ظريف – الوزير المبتسم ذو القلب الذي يقطر دما – كما وصف نفسه في كتاب ( صمود الدبلوماسية ) الذي يعد بمثابة مذكراته الاكثر جرأة وتماس مع نظام الجمهورية الاسلامية من مجموعة ( اللوبي الامريكي ) كما كانوا يطلقون عليهم في البرلمان الايراني ايام حكومة الرئيس احمدي نجاد . فقد رد بتصريحات نارية جريئة متهمًا موسكو بالسعي إلى منع إيران من الانفتاح على العالم والحفاظ على عزلتها الدولية. مضيفا ؛ ( ان تصريحات لافروف حول آلية السناب باك غير صحيحة تمامًا وأن روسيا قد أيدت جميع قرارات مجلس الأمن ضد إيران سابقا ، كما عرقلت انضمامها إلى منظمة شنغهاي للتعاون، وهو ما يعكس – حسب ظريف – ازدواجية في الموقف الروسي . موضحا أن موسكو تمتلك “خطين أحمرين” في سياستها تجاه إيران:
1- منع طهران من تطبيع علاقاتها مع الغرب والعالم.
2- منعها من الدخول في مواجهة مباشرة معهم .
ان تصريحات ظريف تفتح باباً جديداً في الجدل حول دور روسيا في الملف النووي الإيراني، وتسلّط الضوء على خلافات خفية بين الحليفين في الظاهر، والمنافسين في الخفاء . فضلا عن كونها ستترك صدى في الدوائر الايرانية الاستراتيجية قبل الامنية .. مما يجعل المراحل اللاحقة سيما في البعد الاستراتيجي من علاقات طهران مع موسكو وبكين على كف ( عدم الثقة ) واعدة النظر وربما تحديدها بالمصالح الاقتصادية والدبلوماسية دون الخوض بتفاصيل تحالفية راسخة .. كما ان هذه التصريحات حتما ستحرك نشاط دؤوب في دوائر البرلمان الايراني سيما المتشددة وربما المتربصة بظريف وجماعته ان كان عنده جماعة كما يعتقد خصومه مع ان جميع المؤشرات لا تشير الى اتخاذ اي موقف شخصي ضده وفقا لسياسة فارسية قديمة تتيح قدر من الحرية كافي للتعبير عن الراي الخاص بمصالح الدولة العليا ما دامه يدور بهذا الفلك ولا يدخل رسميا بمنطق التآمر والخيانة .

عن عامر العيداني

شاهد أيضاً

من أنت أيها المواطن .. أنت لاشيء

الحرير/ بقلم/هادي جلو مرعي لاتنزعج كثيرا من سلوك أصحاب المناصب والجاه، فأنت تشعر بالحنق والضيق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *