شطح التفكير !

الحرير/

بقلم/حسين الذكر

منذ بواكير الوعي التي اعدها قد تحفزت او انطلقت ارهاصاتها على شكل اسئلة حبلى شائكة لم اجد لها اجابات شافية ثابتة مطمئنة بعد عقود من العمر وسنواته … مما صيرني آلة متحرك مع حركة المحيط والبيئة .. كاني لا اقوى على مصارحة الذات والمحيط بها .. في ظل الاوضاع السياسية العربية والاقليمية والدولية العامة القائمة بامتداد ثابت لا يتغير منه الا الشكل مما بكر في تفتق سبل التفكير سيما الملامس لمصالح النفس ووجودها بصورة فتحت امامي جملة من الابواب التي لم تغلق بعد .. فكانت تنساب او بالاحرى تترى على شكل اسئلة مبهمة او شطحات فكرية مبكرة ..
1- ما الغاية من الخلق ولماذا نحن هنا ؟
2- من جاء بي دون ارادتي وما الذي سيجعلني اغادر مكرها !
3- لماذا هذا التفاوت بالكفايات في منظمومة تبدو من اغلب وجوها رائعة ؟
4- الانسان كائن متفيض من ذات لا بد ان تكون عالمة مقتدرة متقصدة ..؟
5- لماذا وما الموجب للشر المصاحب في روح ينبغي ان تكون اكثر اتساقا مع الذات الاولى التي نحن صورة من صور امتدادها المتجلي ؟
6- ما يحيق بشعوبنا هو ضعف مصطنع قديم يسر باتجاه و اوامرة واحدة ؟
7- لماذا تبدوا المواقع المتقدمة تحت سيطرة من هم اقل التزام بالثوابت القيمية فيما اهل الفكر والنوايا الحسنة مضطهدون مهمشون ؟
غير ذلك الكثير الكثير من الاسئلة التي تجتاحني دون حلول .. ظلت تدور براسي .. حتى اختمرت وشكلت مطلب اساسي وضروري لوقف هذا الالم الموخز للضمير المتعب للنفس حتى شعرت بقوة جبارة مستفيضة تبحث عن ذات كانها غير ذاتي ولا زماني فضلا عن كون خيباتها وثوابتها المذلة تكتم الحواس عندي ..
بعد عبور الكثير من مطبات الحياة المميتة والمذلة ثم تعزيز المواقف ( بموسعات الادراك ومحاولة بلوغ الوعي الاستيعابي والابداعي بقراءات وتحليلات وانفتاح ثقافات وتجديد خبرات وتراكم تجارب واعادة النظر بالموروث المقحم والمترسخ قهرا في ذواتنا ) بطريقة تعد اكثر انسجاما وقبولا للواقع بما يظهر المشهد حتى الاعتقادي منه مختلف عما تعلمناه باكرا ومغاير لما ينبغي ان ندركه في الكهولة .. فماهية المخلوق ومفاهيمية الخالق ليس عملية قسرية ولا وراثية ولا يمكن ان تفضي الاساليب المتبعة الى صيرورة ضمير امة حي مترجم سلوكيا بما يتوائم مع تلك المفاهيم والعقول المتطلعة ما وراء الواقع ..
حتى بدا الطريق نحو الحقيقة منغلق اذ لم تكن السبل ذات بعد فكيري طوعي لا تجهيل انقيادي قسري .. حتى يوضع تعريف جديد للحرية في التفاسير التي تدور حول محورية العلاقة بين الوجود وما وراء الحجب اذا ما اردنا فعلا ان نؤمن وندافع ونمضي قدما في مبتغانا وتحقيق اهدافنا وتكامل ذواتنا التي لا يمكن ان تكون ذات واحدة وان انبثقت من فلسفة التوحد !
فلا عدالة ولا استنساخ في التوريث .. لكل انسان كيان قائم مستقل عن السلف وان تجذر وانسل منه .. فالوقائع ومتغيرات الواقع تحتم استقلالية تامة تتم من خلال تناقل معرفي ثابت في التطور وغالق لمنافذ التخلف من أي جهة كانت .. فلا سبيل لتحقيق وتحقق الاهداف الانسانية الخالدة الا عبر حرية التعاطي بشمولية رؤية لا قهر ولا خوف ولا تبعية فيها ومن ثم محاولة اختمار راي يؤسس لحرية التعبير الابدية لمن يريد الصمود والبلوغ . !
انعكاس عمليات التجهيل والتبعية المتبعة منذ قرون كفلسفة راسخة لم يتغير منها قيد انملة برغم كل التغيرات مع تزايد الآم البشرية ومعاناتها المستسلمة بشكل صريح لهيمنة التقنيات .. جعلني اشعر بوحي ضاغط بكل جزء من كياني يجبرني على التخلق السامي والتحلي بالجرأة لاقتحام السبل المتاحة نحو اهداف ينبغي ان تكون سامية وعامة بلا رغبات عمياء او نزوات ظرفية قلقة .. وان يكون تفكيري بلا مزاجية آنية بل محاولة تعزيز الوعي وتجديد وتنشيط الفكرة وتعديل مسارها الدائم المنسجم مع المتغيرات وازاحة جميع المضدات والمضادات المصادرة للحرية وتشجيع فيض الفضول المعرفي معزز برغبة انسانية واضحة لتخلص الكائنات من الالم الارضي ..
هذه رسالة لم تكن وليدة اليوم ولا هي بعمر الحكمة الذي جاوزت فيه سن العقل المفترض وربما المفروض بل هي رغبة واتقاد روحي وامنية واعية رافقتني منذ الشباب واختمرت بتجارب قاسية مريرة عشتها جراء معايشة ومشاهدة اخبار الكوارث السياسية والطبيعية والانهيارات القيمية الاجتماعية التي تتمظهر كل يوم بشكل جديد وتحت غطاء تقني احدث لابعاد الضمير الحي عن مزاوجته الفكرية الحقة المتمثلة بحرية التفكير والتعبير التي لا سبيل دونها للمضي الى اتجاه صحيح .. وهنذا ابن بيئة الخوف والقلق القاهر والتعمية والجهل والاستعباد والقسر .. ما زالت اردد باسم المضطهدين فكريا : ( اتمنى ان اكون على بينة من امري وان ينتفي الالم العام عن الخلائق ) .

عن عامر العيداني

شاهد أيضاً

مجرد اضغاث !

الحرير/ بقلم/حسين الذكر حتى مرحلة عمرية متاخرة ظلت تطاردني بعض المنغصات في النوم التي افزع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *