الحرير/
بقلم/عامر جاسم العيداني
في زمن الأزمات والتحديات يعلو صوت الناس طلبًا للحقوق وتحقيقًا للعدالة لكن يبقى السؤال: أيّ أسلوب يضمن وصول المطالب وتحقيق التغيير الحقيقي؟ هل هو أسلوب الصراخ والتسقيط والاتهامات أم لغة الحوار والطرح الحضاري؟
الحقيقة التي أثبتتها التجارب أن الصراخ مهما ارتفع سرعان ما يخفت صداه بينما الكلمة الهادئة المبنية على منطق رصين تظل عالقة في الأذهان وقادرة على تحريك القلوب والعقول ، فالمجتمع لا يحتاج إلى ضجيج يُتعبه بقدر حاجته إلى صوتٍ واثقٍ يصوغ مطالبه بلغة واضحة ورؤية واقعية.
إن أسلوب التسقيط والاتهامات لا يخدم قضية ولا يفتح بابًا للإصلاح بل يزرع الانقسام ويشوّه صورة الحراك المدني وفي المقابل فإن الطرح المنظم والمبني على الحقائق والدلائل يضع المسؤول في موضع الحرج أمام الناس ويفرض عليه أن يصغي أو يتحرك ، ان الحضارة هنا ليست مجرد سلوك بل هي سلاح أقوى من أي شعارات انفعالية.
المجتمع المدني حين يلتزم بأسلوب حضاري راقٍ يرسل رسالة واضحة ونحن لا نبحث عن صراع شخصي بل عن بناء وطن يسع الجميع ، إن لغة الاحترام والحوار ليست ضعفًا بل هي دليل قوة وثقة بالنفس وقدرة على تحويل المطالب إلى مشاريع قابلة للتحقق بدل أن تبقى مجرد هتافات.
ولكي يتحقق التغيير المنشود لا بد من وعي جماعي بأن الوطن لا يُبنى بالصراخ ولا يُصان بالتسقيط بل بتكاتف الجهود، وتنظيم الصفوف واستخدام لغة تُلهم الآخرين بدل أن تنفّرهم وحين نرتقي بأسلوبنا نرتقي بنتائجنا، ونثبت أن المدنية ليست شعارًا عابرًا بل ممارسة يومية تؤسس لمستقبل أفضل.
فلنكن جميعًا صوت العقل والحضارة ولنحوّل غضبنا إلى طاقة بنّاءة وصرخاتنا إلى أفكار ملموسة ومطالبنا إلى واقع يُحترم ليشهد الوطن على أن التغيير الحقيقي يبدأ بأسلوب حضاري راقٍ لا بالصراخ أو التسقيط.