الحرير/
بقلم: د. كمال فتاح حيدر
هل توازن الطرفان (العربي والعبري) في معادلة الانتفاضات الربيعية ؟، أم ان العناصر المجهولة في المعادلة ظلت مشتتة بين الطرفين ؟. وبماذا يختلف الربيع العبري عن الربيع العربي ؟. .
في الربيع العربي تداخلت المواقف بين الرافضين للأنظمة السياسية الحاكمة والداعمين لها، فاختلطت الأوراق في بعض العواصم العربية، ولعبت المضخات الاعلامية دوراً عبثياً في التأثير على البوصلة الجماهيرية، حتى ظل الحال على ما هو عليه هنا وهناك إلى إشعار آخر، فضاع الخيط والعصفور. .
في الربيع العربي كانت الأبواق الموالية للسلطات تشكك بالمتظاهرين، وتزعم ان إسرائيل تقف وراءهم، وهي التي تدعمهم لزحزحة الأمن والاستقرار. .
تُرى من يقف الآن وراء انتفاضة الربيع العبري ؟. هل هو بايدن الذي يتهمه نتنياهو علناً بالتحريض ؟. أم ان نتنياهو نفسه اصبح شخصية مستبدة وغير عقلانية، واصبح شخصاً لم يعد أحد يتكهن بتصرفاته وعلى بايدن ألا يثق بكلامه ؟. .
الحقيقة ان نتنياهو سار على خطى الزعيم التونسي قيس إسعيد نحو تركيع القضاء، وتحويل إسرائيل إلى دولة يحكمها المستبدون. .
كان نتنياهو يخطط للسيطرة على المحاكم، ليصبح الحاكم المطلق الذي يمسك بزمام السلطات كلها ليتحكم بالبلاد كيفما يشاء، ما وضعها على حافة الحرب الأهلية، فشهدت مدنها تمرداً غير مسبوق في قطاعات المجتمع المتنوعة، وتسربت شرارة الغضب إلى داخل ثكنات القوات العسكرية، واشترك في الانتفاضة أعضاء في تحالفه، الأمر الذي اضطره إلى التريث قليلاً والمراهنة على عامل الوقت من أجل تحقيق أهدافه في الاستيلاء على مؤسسات الدولة، فمنح شهراً للتهدئة والتفاوض مع المنتفضين من أجل البحث عن تسوية. لكن الشكوك الأمريكية ظلت تحوم حول سلوكه، وهذا ما جاء على لسان بايدن، بقوله: (نأمل أن يتصرف رئيس الوزراء بطريقة تمكنه من محاولة التوصل إلى حل وسط حقيقي، لكن هذا لم يتضح بعد). بمعنى ان البيت الابيض فقد ثقته به، وبالتالي فان البيت الابيض سوف يواصل دعمه للربيع العبري، وهذا ما أكد عليه نجل رئيس الوزراء (يائير نتنياهو)، بقوله: (إن الولايات المتحدة تموّل الاحتجاجات ضد التعديلات القانونية التي نسعى من أجل إقرارها). .
لا شك ان محاولات نتنياهو لتقييد السلطات القضائية، وتعطيل القوانين النافذة هي الشرارة الاولى التي تنذر بتفجر الأوضاع هناك. وبزوغ فجر الانقسامات التي لم تشهدها اسرائيل من قبل، حيث تصاعدت وتيرة القلق بين المواطنين، وعبّروا عن خشيتهم من اندلاع الاشتباكات الأهلية المسلحة. .
لا فرق بين الربيع العربي والعبري، فالشعوب وحدها هي التي تمتلك الحق في تقرير مصيرها. .
ختاماً: يدرك الاسرائليون ان دولتهم بلا دستور يرسم حدود سلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويبدو انهم غير مستعدين لتسليم مفاتيحها كلها بيد شخص واحد ليصبح فوق القانون وفوق الشبهات. .