recent
أخبار ساخنة

حقوق نشر معروضة للبيع

الحرير/
بقلم : د. كمال فتاح حيدر 
انتشرت منذ عقود أسواق شراء ذمم الصحفيين والشعراء والكتاب، ومن ثم توظيفهم لضمان ولاءهم، أو لضمان عدم التطاول على أولياء نعمتهم، وتكميم الأفواه وخنق الأصوات بخطط لا تخلو من الخبث والدهاء، وبمبالغ مالية هائلة قد تفوق الخيال. .
فقد كرست معظم الحكومات جهودها لشراء حقوق نشر المؤلفات التي تنتقدها بقوة، أو تشوه صورتها، أو تكشف أسرارها المخفية، أو التي تعرض وثائق سرية تمس أمنها واستقرارها. ويتم الشراء في الغالب بعقد موقع بين البائع والمشتري يتنازل فيه المؤلف عن حقوقه مقابل مبالغ يحلم بها، ومقابل تعهده بعدم التكرار . وأحيانا يجري التنسق مع دار النشر لشراء كل المطبوعات ومصادرتها قبل وصولها إلى المكتبات، وقبل وقوعها بيد القراء. ثم يصار إلى حرقها واتلافها والتخلص منها. وأحيانا تسعى الحكومات لضمان ولاء رئيس التحرير والعاملين معه، وبات بعضهم يعملون بشكل صريح لحساب حكومات بعينها، ولا يسمحوا بنشر ما يسيء إلى تلك الحكومات، ويتفاخر بعضهم بعلاقاته مع رئيس هذا الدولة أو تلك. سيما ان بعض رؤساء التحرير على استعداد تام لبيع ضمائرهم، والاستجابة لإرضاء مضخات المال الفاسد، واللوبيات السياسية. وظهرت في العالم العربي امبراطوريات إعلامية كثيرة، نذكر منها مجلة الدستور العراقية التي كانت البذرة التي فرخت فيما بعد الصحافة العربية في اوروبا، والتي تدار بأموال النفط العراقي بتوجيه من صدام نفسه، وجاءت مجلة (الوطن العربي) التي يديرها ويشرف عليها (وليد ابو ظهر) في المرتبة الثانية بعد الدستور، وكانت تصدر بأموال عراقية، وكان (ابو ظهر) الصحافي العربي الوحيد الذي يسمح له بإجراء لقاءات مطولة مع صدام حسين. .
لا شك اننا عندما نستعرض أسماء الصحفيين العرب الذين قبضوا من صدام سنجد انهم بالمئات. وقد كشف عبدالجبار محسن أسراراً صادمة عن مرتزقة الإعلام. .
وانتشرت (هذه الأيام) بموازاة هذه السمسرة الإعلامية صحف الابتزاز والارتزاق التي تعتاش على تلفيق الاكاذيب وتسويقها بقصد الضغط على جهات سياسية بعينها، وتهديدها من وقت لآخر لارغامها على دفع المبالغ المطلوبة من أجل ضمان سكوت هذا النوع من الابواق الإعلامية. وهناك جهات سياسية معروفة تلجأ دائما للاستعانة بصحف الارتزاق وتكليفها بتنفيذ حملات التسقيط السياسي. . 
قد يكون الإعلام حراً في ظاهره، لكنه يُكرس أحياناً وليس دائماً لخدمة رغبات الغير مقابل مبالغ مغرية يعتاش عليها المرتزقة في معظم القارات. .
google-playkhamsatmostaqltradent