الحرير/
بقلم/سعيد المظفر
في حديث ٍ لي مع أحد الضباط البحريين المصريين المنتدبين للعمل في أكاديمية الخليج العربي للدراسات البحرية ، حين كنت ُ ضابطا ً في قيادة القوة البحرية العراقية . حدثني ضاحكاً ، وفي حديثه الكثير من المرارة ، والخلط الكبير بين المزاح والجد ، قال :
(( إن العرب مستعدون لمقاتلة إسرائيل إلى آخر قطرة من دم المصري ! ! )) .
وفي فترة لاحقة ، كان الرئيس المصري السادات قد عاد من جولة ٍ له في دول الخليج العربي بغرض حثها على دعم مصر اقتصاديا وعسكريا ، وزيادة قدراتها ، هي و بقية دول المواجهة العربية ، لمجابهة إسرائيل . وكان للنتائج السلبية لهذه الجولة الخليجية دور ٌ كبير ٌ في دفع السادات إلى التفكير بزيارة إسرائيل ، وحسم تردده في اللجوء إلى سياسة التطبيع والابتعاد عن المواجهة العسكرية مع إسرائيل .
هذا الحديث مع الضابط المصري ظل محفورا ً في ذاكرتي منذ ذلك الحين . وبدأت ألاحظ أن هذه الظاهرة تتكرر باستمرار بصورة أو بأخرى ، وبشكل واضح سافر أحيانا ، و بشكل غير منظور في أكثر الأحيان ! ولعل هذه المقولة تنطبق بوضوح شديد هذه الأيام على الوضع في أوكرانيا . وبغض النظر عن الحق مع من ، روسيا أم أوكرانيا . وعمن بدأ الحرب أو دفع إليها . أو عن حجم المسؤولية في اتخاذ قرار الحرب ، والنتائج التي تترتب عليها . وما إذا كانت حرب الاستنزاف القادمة ستدفع روسيا إلى الهزيمة أم الصمود والنصر . أم أن ارتفاع قيمة الروبل بالإضافة إلى تنامي القوة العسكرية الروسية ، والحزم في اتخاذ قرارات القيادة . . ستعمل جميعها على تقوية وضع روسيا ودفعها كقطب جديد في مواجهة القطب الأوحد ، أمريكا وحلفائها .
نعود إلى بداية الحديث . . حيث أن في سياسة أمريكا وحلفائها الأوروبيين
بضخ كافة صنوف الأسلحة والذخائر إلى أوكرانيا ، و منعها من الاستسلام ، ودفعها إلى الاستمرار بالقتال والمواجهة ، أصبح الأمر واضحا . . أن أمريكا وحلفاءها مستعدون لخوض الحرب مع روسيا إلى آخر قطرة من دم الأوكراني ! !
وبين هذا وذاك أجد كثيرا من الحالات المشابهة . فهنالك حاليا ً من يقاتل إسرائيل إلى آخر قطرة من دم السوري واللبناني . وكذلك من يقاتل النظام السعودي إلى آخر قطرة من دم اليمني . ومحاربة أمريكا ومقاومتها بدماء العراقيين وإلى آخر دينار من الاقتصاد العراقي !
يبدو أن الحرب بالنيابة أصبحت سمة من سمات عصر العولمة الجديد ! !
البصرة