الحرير/
بقلم/احمد سعدون البزوني ــ العراق
كتبت شاهيناز نور نصاً قصصياً عن العُزلة، ربما، حافزه إلى إصدار مجموعتها البكر ، تقول فيه:
( العزلة ما نقرره إختيارياً
ونقتطع له مساحة خاصة جداً
بعيداً جداً
عما يراودنا من ضجر بعيداً عنهم
الحد الكاف لمصالحة وجداننا المثقوب بطفيلية لزجة ،
وفوضوية إنتهاك
هي الحد الأمثل من الإكتفاء لهندمة دواخلنا وهدهدة حانية للروح
دون مقامرة دون تعثر ..!)
تبعتُ حالَ كثيرٍ مِنَ المُنجزينَ في هذا العالم، والذين غادروا هذه الأرض وتركوا الأثر والبصمة، فوجدت لهم حظاً وافراً من العزلة الإيجابية.. وحظاً أكبر من احترام الذات وتقديرها وتقدير الطاقات الكامنة في كل خلية من خلاياهم.. وهم أُناسٌ تلاحموا مع الطبيعة وصادقوها..
ولكن في ظلّ الفوضى الادبية التي يميل إليها بعض مُدعي الادب والثقافة؛ وهذه نظرية موجودة و يميل إلى الحد الأعلى من الفوضى. يتطلب على الكاتب أن ينسق تناغماً وترابطاً لكيلا يسيء لذاته. لأن الذات بطبيعتها تحتاج للتفكر بين الفترة والأخرى .
لذلك فإن النفس المهذبة تحتاج بين فترة وأخرى إلى أن تدخل في مرحلة التفكر بالكون والطبيعة وكل ما هو جميل فيها، وأن تعطي من وقتها نصف ساعة للطبيعة يومياً، وأن تصادق كتاباً وتناقش عقلية هذا العظيم الذي كتبه والذي ظهرت فيه حقيقة مَعانٍ مرّ بها وتركزت بتلافيف دماغه وانجلى إيقاعها في تجويف القلب الذي هو أساسا بمثابه الحاضنة لهذا الدماغ .. وسرعان ما رسمت الكتابة صور شعرية في نصها القصصي ، ووضعت مسافات عن عالم لا يروم لتعقل والفهم والادراك ، فقتول فيه (ونقتطع له مساحة خاصة جداً
بعيداً جداً
عما يراودنا من ضجر بعيداً عنهم )
لكنها تناولت العزلة باللغات العقلية والادبية من خلال سرد النص،
تُمهّد بنص لها يقارب فيه مفهوم العزلة بكل جوانبه، مقارناً بينها وبين الوحدة. فيورد مقولة الفيلسوف واللاهوتي بول تيليش للتمييز بين العزلة والوحدة: الوحدة تعبير عن (الألم الناتج من كونك وحيداً). أما (العزلة فهي للتعبير عن روعة أن تكون وحيداً).
يتوقف صاحب انطولوجيا العزلة عند نصيحة نيتشه (سارع الى عزلتك، يا صديقي)، ملاحظاً ان الشعراء والكتاب العرب لا يعيرون أذنا لهذه النصيحة لاسيما منهم «من يطيب لهم ان ينعتوا بالكبار، العظماء». مردّ ذلك وفقت الكاتبة الى أنهم احتفظوا دائماً بنافذة صغيرة على ميدان العوام، وظلّ الإحساس بالمنافسة هو محفّزهم على الكتابة. وما شعورهم بالوحدة، الوحشة، سوى علامة على الشعور بالحسد والغيرة. لذا يعيشون عزلة سببها جرح نرجسي .