recent
أخبار ساخنة

إشارة لابُد منها ..

 


الحرير/

بقلم/مزهر حسن  الكعبي ـــ العراق

استميحكم عذراً، فحين تشرق الكلمات من فمي لا أطلب إلّا الإصغاء .. والإصغاء سهل عليكم .

وكيف لا يُنصت في حضرة ضيف مفعم بالحبّ، العرفان لوطنه، و شموخ أبنائه و هم يطرزون خارطة المسيرة الكبرى باللا موصوف .

لطفاً .. حتى مسحوق الهمس اتركوه، و تأملوا في مؤشراتٍ تقترب مِن مكامنِ الإحساس المرهف .

اعتمدت في الوقوف عند بعض الشذرات على ما أسماه (ميكائيل ريفاتير) بالقراءة المغلقة لنصوصِ المُحتفى بهِ الأستاذ المهندس الأديب (ناظِم زغير التّورنجي) .

و عندها تذكرتُ قصيدة للعملاق محمود درويش القاها في مهرجان المِربد يومَ كانَ المهرجانُ مهرجاناً، يقول فيها

(( أتذكرُ السَّياب ))

إنّ الشعَر يولدُ في العراقْ فكن عراقياً، لتصبحَ شاعراً يا صاحبي . وحين نقفُ عند المجموعة الشّعريةِ للأديب ناظم التورنجي . نلحظها تكتنز بفيضِ الوالهِ في حُبِ العراق وتمجيد شهدائه، و الدعوة  بصدقٍ أن النضّال من أجل تحقيق تطلعات شعبه، بلغة ميسرةٍ تتوخّى النهوض بإصرار على الرّغم مما يعانيه الأديب من هموم و آلام، نتيجة اعتقالاتٍ و ملاحقاتٍ كانت تثّقلُ كاهلهُ، 

فهو يقول

وحيثُ  يحطّ  الرّحال 

تثقِل أكتافَه همومُ

وطنٍ يسيل فيه الدّمْ

كنهرٍ ثالثٍ لا ينضبُ ولا يِجفْ

أفما يكفي الصَّامتونَ صَمتاً

والترابِ يستغيثْ ؟!


هكذا يتناول أديبُنا المأساة إذ يصلُ الأَلمُ إلى الأَعماق، فيستغيثُ ترابُ الوطنِ المِبتلى، فأية كنايةٍ تلكَ التي تمنحُ التّرابَ لغةَ الاستغاثة ؟!  فتنتجُ انكساراً حاداً في النّص، يفصحُ عن معاناةٍ متجذرةٍ في نفوسِ الأَناسين تنتقلُ عدواها إلى التراب  فنحن بإزاء ملمح أسلوبي شفيف ينتقل بالمفردة من كنهها الحقيقي إلى عالمها الجديد . و حين يدخلُ أديبُنا أوار المعركة اللاهب يقول  :


(( قولوا ما شئتم ،

فإنّي أطلقتُ بصاقي 

على لحى الزّيف ،

و الخراب ، و السقم ..

و لْتأتِ الشّتائم

من أفواه العبيدِ

     و الخَدَم ))

و هنا يخطّ أديبُنا بفمه قبل يديه خطّ الصّدّ في


(( الأعراف )) 

بين الجنّة ،

و النّار في واقع الحياة ،

بصورة فوتوغرافيّة لأحبة

و في توثيقه الحبّ للناصريّة ..

مدينة طفولتهِ ،

و صِباه ، يتحفنا  بــ  :

(( كلّ ركنٍ في جوانحي 

يستنخي ، و يستعطفني .. 

وأحياناً يصرخ بي 

صراخ الفطيم .. 

  شوقاً للناصريّة ..)) 

و هنا اترك للسّيدات دون غيرهنَّ معاني الجذوة في صراخ الفطيم ! و تتصاعد حمّى المحبّة في مدرج اللهب، ليصل إلى الأماكن بعينها، فيشدو  :


بين الشّاطئ و محلة الصّابئة ، 

و اكواخ يتصاعد منها

دخان الدّفء ، 

و نسائم الحبّ ، 

و شهقات اللذة عند الفجر، 

والأطفال نيام .. 

أريد  أن  أنسى .. ولكن 

من يمنحني نعمة النّسيان .. ؟!!! 

      ثمّ ينقلنا نقلة حزينة 


برؤية من يُمسك يمسك الرّتاج إلى شمال الوطن ، و هو يدافع عن أرضه ، وتأريخه، و مستقبله في نصّه بعنوان: (( صخور سنجار الحزينة )) ،  فيقول :


 (( شنكال البيضاء ، 

تلك التي استرحنا عندها 


عين ماء ، 

وأشجار تينٍ، وظل  وفير 

قصّي الحكايات لمن فاتتهُ الكوابيس ، 

كي لا تنسى الوجود .. 

فبين صخور  سنجار 

ألف حكاية ، وحكاية 

عن صبايا اختفين، 

وبقيت ضحكاتهنّ كوشم 

على صخور حزينة ..

فلا تعبثوا بالصّخور ، 

لأنّها .. مازالت بلا مراثي )) 

وفي رحم التّجاوزات

تساؤل كبير:

(( قل لضابط الدّمج 

الّذي داسَ (ببسطاله) رحم 

أُنثى

غداً .. وليدها سيسالك 

بصفعة... 

فمن أبوك يا أبن الموبقة ! )) 

و لا ينسى أديبُنا مهبط البطولة في باحة الصّراع حيث الشّموخ في بقعة لم تتنكّر لأسمها ، يحميها نسور  عشقوا الموت ، و إن كان مرّا .. 

(( ساحة التّحرير  

لم تتنكّرُ لاسمها .. 

فالصّقرُ صقرٌ .. 

    لا يلملم الجناح 

       مخافة  الرّياح ..)) 

و اسمحوا لي بالرّجوع لحبيبنا محمود درويش ، و هو يترنّم للعراق ، و شاعر  العراق  إذ  يقول :


(( اتذكّر  السّيّاب .. 

لم يجد الحياة 

كما تخيّل بين دجلة، والفرات 

ولم يفكّر مثل كلكامش 

بأعشاب الخلود .. 

ولم يفكّر بالقيامة بعدها)) 


فقد وجدت في أديبنا التّورنجي هذا البون الشاسع بين منظاره و واقع الحياة، فكلّ الملتزمين بتحقيق طموحات شعبهم لا ينشدون إلّا السّعادة، و العيش الكريم، و تنسّم عبير الحريّة، بعيداً عن الجور، والاضطهاد.. 

مطالب سهلة .. ميسّره

و سلطة لا تعرف إلّا ا…


تحياتي إليك وَ محبتي

google-playkhamsatmostaqltradent