الحرير/
بقلم/ د . نبيل المرسومي
استاذ علم الاقتصاد في جامعة البصرة
نظام سويفت، وهو الاسم المختصر لجمعية الاتصالات المالية بين المصارف في العالم، والذي يربط أكثر من 11000 مؤسسة مالية تعمل في أكثر من 200 بلد ، ما يجعلها بمثابة العمود الفقري لنظام التحويلات المالية في العالم. وهو أقوى الأسلحة المالية التي يمكن أن تُعاقب به دولة، إذ سيقطع البلاد عن جزء كبير من النظام المالي العالمي. تعد روسيا ثاني أكبر بلد ضمن «سويفت» من حيث عدد المستخدمين بعد الولايات المتحدة ويصل حجم التعاملات المالية المرتبطة بروسيا عبر «سويفت» إلى مئات مليارات الدولارات سنوياً. وسيؤدي اخراج روسيا من سويفت الى إلحاق الضرر بالتجارة الروسية وستجعل من الصعب على الشركات الروسية القيام بأعمال تجارية اذ أن بنوكها لن تكون قادرة على التواصل بشكل آمن مع البنوك خارج حدودها، وهي نفس العقوبة التي صدرت بحق إيران في عام 2014 بعد التطورات في برنامج طهران النووي. من شأن انقطاع الصادرات الروسية أن يلحق الضرر بمجموعة واسعة من الصناعات، تمتد من مصنعي الأسمدة إلى مصنعي المواد الغذائية، والسيارات والطائرات. وعلى الرغم من أن روسيا تشتهر أكثر ما تشتهر بأنها مصدر رئيس للنفط والغاز، إلى جانب أوكرانيا، هي أيضا مورد رئيس للحبوب إلى العالم. ويمثل البلدان ما يقل قليلا عن ثلث صادرات القمح العالمية.
إذا كانت هذه العقوبات صارمة، ونتج عنها انخفاض صادرات النفط الروسية إلى أوروبا والولايات المتحدة، فإن موسكو تستطيع التصدير إلى الصين والدول الآسيوية، وسترتفع أسعار النفط بشكل أكبر مما هي عليه الآن.. هذا الارتفاع سيعوّض روسيا جزئيًا عن خسارة جزء من صادرتها. أما إذا طُردت روسيا من نظام المدفوعات العالمي (سويفت)، فإنها تستطيع أن تصدر النفط والغاز كالعادة، لكنها لا تستطيع تسلّم إيرادات هذه الصادرات، وفي هذه الحالة ستلجأ إلى ما لجأت إليه إيران: فتح حسابات في البنوك الغربية والشرقية لتخزين الأموال بها حتى يتم سحبها في وقت لاحق عندما تنفرج الأزمة.وفي هذه الحالة يمكن ان يؤثر ذلك سلبيا على العراق اذ ان السوق الاسيوية تستورد نجو ثلثي صادرات العراق من النفط الخام وخاصة الهند والصين اذ ستعرض روسيا خام الاورال المماثل لخام البصرة المتوسط بأسعار مخفضة وهو ما قد يفقد العراق جزء من حصته السوقية في آسيا ، في حين يمكن للعراق ان يزيد من صادراته النفطية الى الاسواق الاوربية خاصة في ضوء ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين على الصادرات النفطية الروسية . وفي المقابل هناك استثمارات روسية في قطاع النفط والغاز العراقي تزيد عن 13 مليار دولار اذ ان شركة روسنفت تمتلك 60% من خط أنابيب نفط كردستان، وهو خط التصدير التشغيلي الرئيسي في العراق. كما ان روسنفت تقوم بإنشاء خط أنابيب جديد للغاز من المتوقع أن تصل طاقته التصديرية إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، والذي يمثل حوالي 6% من إجمالي الطلب على الغاز في أوروبا. كما ان الشركات الروسية المتمثلة بشركات لوك اويل وغاز بروم وروسنفت تستثمر في حقول غرب القرنة /2 وبدرة وبلوك –10 وبعض حفول كردستان . وستتأثر معظم الاستثمارات الروسية في العراق وخاصة للشركات العاملة في حقول التراخيص النفطية التي تسدد تكاليفها وارباحها عينا أي مقابل كمية معينة من النفط المنتج مما يتطلب البحث عن آلية جديدة لتسوية الحسابات مع الحكومة العراقية او قد يدفع ذلك الى انسحاب الشركات الروسية من الحقول العراقية فضلا عن صعوبات أخرى تتعلق بكيفية تنفيذ الشركات الروسية لعقودها الثانوية مع الشركات الأخرى وكيفية تمويلها